حزب التحرير المغرب

جواب سؤال: طلب النصـ..ـرة وإعطاء النصـ..ـرة ونصر الله

#أمير_حزب_التحرير

#السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفقكم الله واثابكم
هناك طلب النصـ ـرة وهناك الاستجابة أو إعطاء النصـ ـرة وهناك نصـ ر الله هل الاستجابة هي النصـ ر؟ كما ورد في السيرة على ما أتذكر: قل إبن هشام فلما أراد الله نصـ ر عبده ساق له نفرا من أهل المدينة وهل النصـ ر يلازم الدولة الناشئة القادمة بإذن الله وهي تقلب الموازين وتجمع الأمة تحت راية لا إله الا الله محمد رسول الله وتخوض الحـ روب إن هاجمنا الغرب؟ وهل يمكن أن يكون النصـ ر في شكله المحسوس الملموس كما وقع في بدر بالملائكة وفي الخندق بالريح أم يكون في شكل المعونة والتأييد والتهيئة وقذف الرعب في قلوب العدو؟ المعذرة عن تفرع السؤال وجزاكم الله خير الجزاء) انتهى.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
1- النصـ ر يتخذ أوجهاً متعددة، فظهور فكر الدعوة على غيره من الأفكار هو وجه من أوجه النصـ ر، والتفاف الناس حول الدعوة وتأييدها هو وجه من أوجه النصـ ر، وثبات حملة الدعوة على دعوتهم هو وجه من أوجه النصـ ر… وهكذا.
2- ومن أوجه النصـ ر استجابة أهل القوة والمنعة بإعطاء النصـ ـرة للدعوة، ولكن النصـ ر بمعناه الكامل لا يتحقق إلا بتحقق هذه النصـ ـرة ووصول الحـ زب إلى الحكم بإقامة الدولة وتطبيق الإسلام وحمل الدعوة… فالنصـ ر في سياق الدعوة معناه الكامل هو وجود نقطة الارتكاز، أي قيام الدولة لأنه دون قيام الدولة لا يوجد الإسلام في معترك الحياة… فوجوه النصـ ر الأخرى وإن كان فيها خير إلا أنها لا تحقق وجود الإسلام في معترك الحياة، بل لا بد من قيام الدولة والحكم بالإسلام عملياً حتى يوجد الإسلام في معترك الحياة ويوجد النصـ ر بمعناه الكامل الشامل…
3- إننا على يقين بأن دولة الخـ لافة الراشدة الثانية القادمة ستقوم وتبقى قائمة وتقود الأمة إلى النصـ ر والتمكين، وذلك لأن الأدلة المبشرة بقيامها تدل على أنها تبقى وتتركز وتحكم بالعدل، فمثلاً:
– يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾. وهذه الآية وإن كانت عامة إلا أنها تنطبق أيضاً على دولة الخـ لافة القادمة بإذن الله، وواضح من الآية حصول التمكين والأمن، وهذا لا يكون إلا بثباتها وانتصارها على أعدائها.
– جاء عند الإمام أحمد، ومسند الطيالسي من حديث حذيفة، قال: قال رسول الله ﷺ: «إِنَّكُمْ فِي النُّبُوَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِـ ـلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً عَاضّاً، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِـ ـلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، ثُمَّ سَكَتَ. ولا معنى لوجود الخـ لافة الثانية على منهاج النبوة إن لم تثبت وتستقر.
– أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ قال: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَـ هُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ…»، وفي لفظ آخر قال ﷺ: «تُقَاتِلُكُمُ يَـ هُودُ، فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ»، وهذا يعني اقتلاع دولة يـ هود من جذورها، ولا يتحقق ذلك في الأرجح إلا بقيام دولة الخـ لافة الثانية واستقرارها وانتصارها.
– روى أحمد في مسنده والحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن أبي قَبِيلٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: فَقَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ ﷺ نَكْتُبُ، إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً: قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلاً، يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ». وقد فُتحت القسطنطينية، وستُفتح روما إن شاء الله… وهذا يتصور بقيام دولة الخـ لافة الثانية واستقرارها…
– أخرج أحمد في مسنده عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزّاً يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلّاً يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ..» وأخرج نحوه البيهقي في السنن الكبرى وكذلك الحاكم في مستدركه. وهذا يعني أن دولة الخـ لافة الراشدة الثانية ستثبت وتستقر وتتوسع لتشمل الدنيا بأسرها…
4- لكن المذكور في الأعلى لا يعني أن دولة الخـ لافة ستنتصر في كل معـ ركة تخوضها، فقد تخسر معـ ركة هنا ومعـ ركة هناك، ولكن يكون لها النصـ ر في النهاية، أي هي قد تخسر مـ ـعارك لكنها بإذن الله لا تخسر الحـ رب، تماماً مثلما كان شأن دولة الإسلام الأولى، فقد خسرت بعض المعارك لكن النصـ ر في الحـ رب كان حليفها حتى حكمت العالم القديم في أغلبه…
5- أما بالنسبة لاستفسارك: (وهل يمكن أن يكون النصـ ر في شكله المحسوس الملموس كما وقع في بدر بالملائكة وفي الخندق بالريح أم يكون في شكل المعونة والتأييد والتهيئة وقذف الرعب في قلوب العدو؟)، فكل ذلك ممكن الحصول، والأمر فيه إلى الله سبحانه، فهو ناصر عباده المؤمنين بجنود من عنده،
﴿وَمَا يَعْلَمُ جُـ نُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾. ولكن الحكم الشرعي يوجب علينا الإعداد اللازم لقوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾.
آمل أن يكون في هذا الكفاية والله أعلم وأحكم.
أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة
22 جمادى الأولى 1446هـ
الموافق 2024/11/24 م
Peut être une image de texte